الدراسات تظهر فائدة تأجيل حل المشاكل إلى اليوم التالي بعد الاستيقاظ.
"أجل حل المسألة إلى اليوم التالي بعد استيقاظك" هي نصيحة مألوفة دائما ما توجه للشخص الذي يعاني من الحيرة في حل مشكلة معقدة. هناك دراسة أجريت عن حل المسائل الحسابية أظهرت بالفعل أن الراحة الجيدة أثناء الليل تعطيك القدرة على رؤية المشكلة من منظور جديد.
وفقا لما يقوله قائد مشروع الدراسة Jan Born من جامعة Lübeck بألمانيا، أن هذا الاكتشاف يضفي المصداقية على المفهوم الشائع بأن النوم يحفز القدرة على التفكير الابدعي.
قام Born وزملاؤه بتقديم سلسلة من الأرقام إلى الأشخاص الذين خضعوا للدراسة، ثم قدموا لهم قاعدة بسيطة يمكنهم من خلالها استخراج سلسلة جديدة من الأرقام من السلسلة الأولى، وطلبوا منهم استنتاج الرقم النهائي في السلسلة الجديدة، ولم يخبروهم في الوقت نفسه عن طريقة مختصرة لحساب الرقم النهائي بسرعة.
وجد أن الأشخاص الذين درسوا المسألة الحسابية في المساء ثم تجددت قواهم بالحصول على ثماني ساعات من النوم، زاد احتمال توصلهم للطريقة المختصرة لمعرفة الرقم النهائي إلى أكثر من الضعف مقارنة بأولئك الذين ظلوا مستيقظين. كما شملت الدراسة مجموعة أخرى من الأشخاص قاموا بدراسة المسألة الحسابية لأول مرة في الصباح ثم قضوا يومهم بشكل عادي فظلوا متيقظين لثماني ساعات، ووجد أن قدرة هؤلاء على تحديد مفتاح حل المسألة انخفضت بنفس درجة أفراد المجموعة التي سهرت طوال الليل، وعلق Born قائلا أن هذا الأداء السيئ لم يكن سببه مجرد الإرهاق.
يقول Sidarta Ribeiro المتخصص في علم الأعصاب بجامعة Duke في Durham بولاية كارولينا الشمالية:" هذا دليل واضح على شيء يعرفه معظم الناس بالبديهة"، ويضيف أن المهمة التالية يجب أن تكون العمل من أجل معرفة ما الذي يحدث داخل المخ أثناء نومنا.
بداية جديدة
من المعتقد أن عقولنا تعمل أثناء النوم على إعادة تنظيم الذاكرة التسلسلية– والتي تشمل معلومات خاصة بالأماكن والأشخاص وما مر به الشخص من محادثات وخبرات. ويقول Born أن ربما كان تعديل هذا الخليط من الأحداث اليومية السبب وراء تمكن الأشخاص المشتركين في الدراسة من معالجة المسألة الحسابية من منظور جديد في اليوم التالي.
يعتقد أن المعلومات الجديدة في الذاكرة التسلسلية تخزن في منطقة من المخ تسمى قرن آمون، بينما تخزن الذاكرة الدائمة في منطقة أخرى هي القشرة الحديثة neocortex ، ويعتقد Born
أن الذكريات تنتقل من منطقة لأخرى أثناء النوم وأنها تتعرض أثناء تلك العملية لإعادة تنظيم.
يقول Ribeiro أن الكثير من الخبراء يعتقدون أن النوم الذي تتحرك العين خلاله بسرعة ، والذي تصل نسبته الى 20-25% من اجمالي النوم، كما أنه الوقت الذي نحلم فيه- هو ذلك النوع من النوم الذي يحدث به هذا الانتقال للمعلومات في الذاكرة، ويضيف موضحا أنه ربما كان المشاركون قد حلموا بالمسألة الحسابية. وقد يمثل هذا اختبارا بسيطا يوضح ما إذا كان نوم الحركة السريعة للعين يقوم بدور في إعادة ترتيب الذاكرة، إلا أن Ribeiro يعترف في الوقت نفسه أن كثيرا من الناس ينسون أحلامهم بمجرد الاستيقاظ.
الشيء المؤكد هو أن تلك النتائج توضح أهمية الحصول على قسط كاف من النوم أثناء الليل، فكما يقول John Shneerson الخبير في النوم في مستشفى Papworth في كامبردج بالمملكة المتحدة: " الناس بشكل عام لا يحصلون على قسط كاف من النوم، وهذا شائع كالوباء". فأصحاب الأعمال يتم الضغط عليهم لكي يكفلوا حصول العاملين على الراحة بالشكل المطلوب، كما يتم توجيه الانتقادات لبعض القدوات في المجتمع مثل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بسبب عدم أخذهم موضوع النوم على محمل الجد.
يقول Ribeiro إن حصول العمال على غفوة لمدة ثلاثين دقيقة يكفي لمنحهم مزايا نوم الحركة السريعة للعين. وسيساهم السماح لهم بالحصول على هذه الراحة في محاربة التوتر وتحسين الأداء في مكان العمل.
ويوافق Born على ذلك قائلا:" من الممكن أن تساعد غفوة قصيرة بالفعل على جعلك أكثر إبداعا"، ويضيف:" لكنك ما دمت تحصل على ثماني ساعات من النوم تقريبا أثناء الليل فسوف تكون على ما يرام".